الزوجة ليست عاملة ‘عند’ زوجها وإنّما عاملة ‘مع’ زوجها في بناء أسرة متوازنة. طبخ الزوجة لزوجها وتنظيف ملابسه داخل البيت من وزن شغل الزوج خارج المنزل لتوفير نفقة هذه الأسرة، في علاقة تكامل. أما أن يهمل نظافة ملبسه ومنزله وردّ كل طعام تطبخه وأمرها بسواه وحبسها بالمنزل المُدّات الطويلة، وغيره مما يستفرغ قواها في ما لا طائل منه فهذا من العبودية. ثم أن للزوجة حقها في ما يُنَمّي قدراتها ويرفه عن نفسها مثل مطالعة الكتب وتصفح الإنترنت وممراسة الأنشطة على أشكالها التي تريد من خياطة وتحضير حلويات وأشغال يدوية… بل لها حتى حق رياضة بدنها، فإن توفرت النوادي الانثوية الموثوقة انضمت إليها وإلا فيشتري لها أدوات رياضية تمكنها من ذلك في المنزل. الفضل بقدر ما يقدمه طرف للآخر، ليس بمجرد أن أحدا ذكر والآخر أنثى، لم يُخيّر أحد قبل ميلاده بين أن يكون ذكرا أن أنثى.
الفهم السلبي للدِّين
الفهم السلبي للدين هو أخذ نصوص من الدين تسرد حقائق أو قواعد معينة، نأخذها كذرائع للجمود والتوقف، وما كانت أرسلت لذلك بأي شكل من الأشكال.
– رزقي مقسوم قبل خلقي، وهذا الذي قسم الله لي. الكثير منا يكتفي بالعمل البسيط والمنزل المتوسط والملبس والمركب المتواضع، فلا يسعى في توفير درجة أفضل من ذلك، سواء لنفسه إن كان فردا أو لأهله إن كان له أهل. توفير درجة أحسن ليس جشعا، بل السعي حتى في تحصيل الثراء ليس عيبا، الأثرياء إن أحسنوا وأنفقوا كان طريقهم إلى الجنة أسرع بإذن الله، والإسلام نُصِر نصرا جللا بفضل أصحاب الأموال الذين جهزوا الجيوش. الله في القرآن قدّم الجهاد بالمال عنه بالنفس، لأن من يجاهد بنفسه إنما يصخر جهد شخص واحد، وأما من يعطي مالا قد يساهم في تجهيز أكثر من شخص. كذلك هناك آثار تتجاوز المنفعة الشخصية إلى المنفعة العامة لا تخطر على بال الكثيرين: تجميل المنزل والمركب والملبس ينتج عنه كذلك تجميل الطبيعة والعالم الخارجي، فتصبح بتحسينك عنصر بناء واستخلاف إيجابي على هذه الأرض، وما أسماها من غاية! بعض الناس يرفق ذلك بقولهم القناعة كنز لا يفنى، هذا كذلك فهم سلبي للمعنى الحقيقي، القناعة بالذي أعطاك الله إنما هي بعدما تتخذ كل أسباب التحسين التي أتيحت لك، أما إن كانت لك فرص عيش أفضل لك ولمن تعول ثم تقول أني ‘أقنع’ فما أنت في الحقيقة إلا ‘تمنع’ نفسك من فضل الله الذي يحب ويريد أن يراه فيك.
– الذي حدث مكتوب وقضاء وقدر. متى نفهم أن كل شيء بدون استثناء قضاء وقدر؟ تماما لا يوجد شيء في هذا الوجود يخرج عن هذه القاعدة، فلا يصلح أن نستخدمها لتبرير نتيجة تقصيرنا أو إهمالنا. مثلا إن لم ينجح شخص في امتحان (امتحانات الحياة على إطلاقها، ليس فقط الدراسي منها) أو يربح في صفقة، فعوضا من أن يلوم نفسه على التقصير ويَعِد بالتحسين ومضاعفة الجهد في المرة القادمة، يلوذ بالفرار سريعا من الحقيقة بأن ذلك هو الذي كُتِبَ قبل خلق الأرض، فتمر التجربة بدون أخذ أي درس منها. الله كتب كل شيء في كتابه ‘بعلمه الغيب’ لا فرضا أن يجري على خلقه كمل كتب، بل ماعلمه وما يحدث إنما هو ما يقررونه ويحققونه هم بأنفسهم.
– لن نأخذ من هذه الدنيا شيئا إلا الأعمال، والدنيا دار مرور وهي فانية وكلنا مغادروها والطمع في الآخرة الباقية. كم من الناس من يزهد في المساهمة في عمارة الأرض بشتى أنواع العلوم والفنون والعمران بحجة أن الدنيا هذه زائلة والأفضل الاستكثار من الاعمال الصالحة من صلاة وزكاة وطاعة الوالدين والاحسان للناس، هذه الأعمال لا شك أنها من أوثق عرى الاسلام ولابد من الاكثار منها لا رَيب، لكن عمارة الأرض كذلك هي من أسمى وأغلى غايات الاسلام. الكثير منا ليس لديه نظرة ما بعد الأنا، يغفل عن أن التأثير والبناء يبقى حتى بعد الممات، الاسلام يعلمنا أن تكون لنا نظرة ما بعد الأنا من خلال تلك المصادر الثلاث للأجر التي تعود لصاحبها حتى بعد مماته: الولد الصالح والعلم النافع والصدقة الجارية. سمعت عددا من الناجحين ممن لا يؤمنون بآخرة ولا حساب، يقول أنا لدي حياة واحدة فسأقدم لها أفضل ما أستطيع، فيحققون ذلك فعلا بإنجازات كبيرة، ونحن فينا مؤمنون تَنْتَابُهم السلبية أن هذه الدنيا فانية حقيرة والأفضل البناء للآخرة الباقية فيتركون عمارة الأرض، معتمدون على آيات كريمة (آيات التذكير يوزن الدنيا ووزن الآخرة) وأحاديث شريفة (مثل الدنيا لا تساوي جناح بعوضة) وهي من ذلك الفهم الأعرج براء، ضاربين عرض الحائط آيات مثل: “هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا” وأحاديث مثل: “إن قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة (نخلة صغيرة) فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها”.
قصيدة: لاهٍ وخير الورى
محاولة شعرية أنجزتها سنة 2008 عن الكثير الغافل منا لو استيقظ لأبدع وأبهر، لكن لا يدري قدرَه.
لاهٍ وخير الورى
لِلَاهٍ قَوْمٌ هُمْ خَيْرُ الـوَرَى | قَومٌ يَرَونَ مِنْ حَيثُ لا يَرَى |
إن جاءهم وقت الصبيحة | يجدهم يجرون وما جرى |
ويلقاهم في حَرِّ الظهيرة | بأسافل سقوف أو في عرا |
يبتغون بذلك ركوبَ قمة | ويبتغي هو شيئا آخرا |
وما ابتغاء القِمَمٍ عندهمُ | إلا كصياد حذق يعيش صابرا |
إن تهجره ثم تأتيه بعدها | تَجِدْهُ صاد صيدا فأكثرا |
ثم إن لَاهٍ زار القومَ يوما | فعرفوه أن قد جاءهم زائرا |
فأكرمُوه وعلمُوه فَنَّهُـم | وأرَوْهُ خَطْوَهُم على الثرى |
وقالوا يا أخانا أما تُرينا | الآن أثرك أنت فما درى |
فأوجس في نفسه جهالة | ولامها لومًا ثُمَّ ولّى مُدبِرَا |
فأرشدوه إلى سُبُلِ العلم | وقالوا مَاتَرَى الآن يا تُرَى؟ |
قال أرى نجوما في السما | فأبصروا مليًّا وأبصرا |
حتى دمعت عيناه بحرا | ودمعت أعينهم أبحُــرا |
على زمان جهل غافلُه | بأنه أهل قدر ومقدرة |
ثم قام ينشد قصيدةً رائيّةً | يقول في مطلعها شاعرا |
لِلَاهٍ قَوْمٌ هُمْ خَيْرُ الـوَرَى | قَومٌ يَرَونَ مِنْ حَيثُ لا يَرَى |
إن جاءهم وقت الصبيحة | يجدهم يجرون وما جرى |
ويلقاهم في حَرِّ الظهيرة | بأسافل سقوف أو في عرا |
يبتغون بذلك ركوبَ قمة | ويبتغي هو شيئا آخرا |
قصيدة: وهل يبين الأبكمُ؟
محاولة شعرية أنجزتها سنة 2008 في من يتعلم ويمسك عن نشر علمه.
وهل يبين الأبكمُ؟!
ما قيمة عالم لا يُعَلِّـمُ | أبكم وهـل يبين الأبكمُ؟! |
يحلم بأعالي القِمَمِ ولا | يفيده إن شحَّ ما يحلـمُ |
أما درى أن العلم جُبٌ | به يموت الغِلّ أو يسلمُ |
هلك القوم إذا هو بخل | وإن أعطى ماء أحياهُمُ |
تقدم البشر لما تعالموا | ولو تشتتوا ما تقدموُا |
وأيِّن مـن أمة تُقتِر هي | كمن بنوا بنيانا ثم هدَّموُا |
فهل زاد شيئا من زرع | وهو عن الآكلين معدمُ؟ |
يسأم من حمل الأسرار | وحامل العلم لا شك أسأمُ |
قد قيل فيمن سبقكم أن | تعلَّموا العلوم وعلِّمُـوا |
وإن وجدوا غير ذلك مـا | قالوا ما قالوه ولا تكلَّمُوا |
صَمْتُ المرء لـه لكنِّـه | عليه لو كان الأمر مُبْهمُ |
ولنا في دنيا المعارف | مغنم ليس كمثله مغنمُ |
أعلّمك أخي كلمات فلا | تبغ غيرهن لو تفهـمُ |
علم وتعليم وحب خيـر | إخلاص لله دوما وتبسّمُ |
.:: الغل = العطشان ::.
.:: تقتر = تبخل ::.
.:: الغل = العطشان ::.
.:: تقتر = تبخل ::.
تجارب الهواتف المجنونة، مثال عن صناعة الحاجة
تفتيت الهاتف بخلاط، سحقه بهراوة، غطسه في محاليل كيميائية، وغيرها من تجارب الجنون.
لماذا نعرض تجيربيا الهواتف لأحداث لن تقع في الواقع؟ هل هناك شخص مثلا يضرب هاتفه بهراوة بكل ما يملك من قوة خطأ؟ أو يضعه في الخلاط وينتظره حتى يصبح فتاتا ثم ينتبه أنه وضعه في مكان البرتقال؟
لماذا نجرب قوة تحمل الهاتف في ظروف لن تحدث أصلا؟ قد نتفاخر بجماله، دقة شاشته، تحمله للمياه، صلابته عند السقوط، لأنه يُحتاَج لذلك، لكن من منا سيفتخر بعدم ذوبان هاتفه في المحاليل الكيميائية أو عدم تفتته في ضراب الفستق؟!
الفرنسية والانجليزية، من أثر على الآخر؟ من صور تطور اللغة
لطالما كنت أتساءل عن سبب وجود كلمات كثيرة جدا متشابهة بين الفرنسية والانجليزية. من يا ترى أثر على الآخر؟ خِلت أولا أن السبب هو “أصلي” أي لعلهما ينحدران من نفس اللغة الأم. بحثت في شجرة اللغات الهندو-أوروبية فلم يكن الأمر كذلك، بل لم تكونا تنتميات حتى لنفس العائلة (الأولى إلى اللغات الإيطاليقية والثانية إلى اللغات الجرمانية). اختصرت عليّ الطريق وبحث بعدها مباشرة عن سبب تعلق اللغتين فوجدت أن السبب “تاريخي” بحت.
تعود الحكاية لسنة 1066 ميلادية، حين غزى الحاكم النورماندي المشهور “ويليام الفاتح” إنجلترا (فكرة توليه الحكم تم استلهامُهَا في فيلم “جوني إنجليش”، التي بطلها روان أتكينسون المشهور بمستر بين =)، لمن يريد بعض الدعابة التاريخية). لا يهمنا هنا أصل نشأة وكينونة النورمانديين ولكن ما يهم هو أنهم كانوا ناطقين بالفرنسية. استمرت سيطرة النورمانديين على إنجلترا حوالي القرن أثرت فيها على كل المستويات. من أهم التأثيرات كان دخول كم هائل، قُدِّرَ بالآلاف، من كلمات اللغة الفرنسية (واللاتينية بشكل عام) على اللغة الإنجليزية، زادت في ثرائها أيما زيادة. هذا التأثير لم يتمثل في دخول كلمات جديدة فحسب، بل حتى في دخول قواعد غيرت كتابة ونطق اللغة الإنجليلزية. هذه الإضافة ساهمت في نشوء لغة جديدة سُمية بالإنجليزية الوسطى –بعدما كانت تسمى بالإنجليزية القديمة.
كلمات مثل: art, beauty, colour, image, design, figure, ornament كلها كلمات إنجليزية أصلها فرنسي.
عودة على حاضر، أين حدث العكس تماما. أصبحت الإنجليزية لغة العِلم والعالم ودخلت أعداد هائلة من الكلمات الإنجليزية على الفرنسية، مثلا مصطلحات الطب والتكنلوجيا والفلك وباقي العلوم على اختلافها.
عبرة جميلة… كانت الاحتلالات أو الفتوحات أولا هي السبيل لتغيير ثقافات ولغات الأمم الأخرى. مع الوقت ظهرت طرق جديدة مثل التجارة والهجرة المكثفتين، ثم أخيرا العلم والابتكار والانتاج الأدبي والفني. وهذا إن دل فإنما يدل على طريق صحيح، على العموم، تسلكه البشرية –وإن كانت مازالت هناك تخبطات من حين لحين تعيدها إلى عصورها المظلمة.
أمريكا وروسيا أقرب مما تتصور
الكثير منا له تصور داخلي (رغم علمنا بخطئه) أن روسيا تقع في أقصى شرق العالم وأن أمريكا في أقصى غربه وبينهما عشرات الآلاف من الكيلومترات التي لا تُقطع إلا بشق الأنفس. هذا التصور ناتج عن الصورة الذهنية التي لدينا عن الكرة الأرضية والتي اكتسبناها طوال سنوات تعليمنا في مادتي الجغرافيا والتاريخ وفي وسائل الاعلام على تنوعها. لكن في الواقع، أمريكا وروسيا دولتان جارتان قريبتان جدا من بعضهما البعض، يفرقهما مضيق مائي يسمى بيرنغ، عرضه 64 كلم فقط (أقرب نقطتين من البلدين). مسافة لا تُرَى في خريطة سُلمها 2000:1 (سم:كم).
أهلا بالعالم
أهلا بالعالم… أرجو لكم إقامة نافعة ماتعة في صفحات مدونتي البسيطة.